الحمد لله رب العالمين ، حمدا يليق بجلاله وكماله وعظمته ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم – خاتم الانبياء وامام المرسلين . . وبعد
فأن الدعوة الى الله تعالى – هى مهمة الانبياء والمرسلين - على نبينا وعليهم افضل الصلاة وازكى السلام .
وصدق الله العظيم القائل :{ وَ مَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ }1 والقائل {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46) } 2
وقد امر الله تعالى . رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم . بالدعوة الى الله تعالى – فى قوله تعالى :
{ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) }3
وقوله {وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67) } 4
ويؤكد القرآن الكريم دوما على خطورة الكلمة ، فيقول الحق – سبحانه :
{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)} 5
ويقول – عز وجل:
{ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5}
كما يدعو الى القول الكريم الحسن المسؤل فيقول سبحانه: ؟{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا }7 ويقول :{ فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28) 8 ويقول : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) } 9. ويحذر من القول دون العمل ،بكلام مرسل يجافيه السلوك العام والخاص للفرد ، دون اقدار لمسئلية الكلمة فيقول الحق – سبحانه -: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ}10 .
ويقول عزت قدرته { وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) }11 ويقول – تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) } 12 وفى مواضع كثيرة من القران الكريم يتكرر النداء ذاته باقدار الكلمة وضرورة توجيهها للخير والصلاح { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53)}13 .. وقوله : {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا }14 وقوله : {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) } 15 وقوله : {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) } 16 وفى الادب النبوى نجد توجيها النبى الكريم – صلى الله عليه وسلم – بضرورة الحرص على القول الحسن ، وعدم اطلاق الكلمات الا فى الخير فيقول – صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت ) 17..
ويقول – ايضا :" ان العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله – تعالى – ما يلقى لها بالايرفعه الله بها درجات ، وان العبد ليكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالا يهوى بها فى جهنم "18- وعن سفيان بنعبدالله رضى الله عنه – قال : قلت يارسول الله : حدثنى بامر اعتصم به ، قال : " قل ربى الله ثم استقم " قلت : يا رسول الله ما اخوف ما تخاف على ؟ فاخذ بلسان نفسه ، ثم قال : " هذا" 19 وفى حديث معاذ : " وهل يكب الناس فى النار على وجوهم الا حصائد السنتهم " 20 – وجمع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم – النجاة فى ثلاث ، قالها صلى الله عليه وسلم لعقبة ابن عامر رضى الله عنه : " امسك عليك لسانك ، وليسعك بيتك ، وابك على خطيئتك " 21- وامانة الكلمة تقتضى عدم كتمها والتصريح بها ، واعلانها ، فيقول صلى الله عليه وسلم :" افضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر " 23.. ويقول ايضا: " من سئل عن علم فكتمه الجم يوم القيامة بلجام من نار " 23 .. والمعنى ذاته فى قوله صلى الله عليه وسلم :" نضر الله امرا سمع منى شيئا فبلغه كما سمعه قرب مبلغ اوعى من سامع 24. وفى المجتمع المسلم تتأكد خطورة الكلمة ،ومايتبعها من مسؤلية وتبعات ، فالكلمة الصادقة تفتح ابوابا للخير والفلاح لدى المتلقى ، وتكون بمثابة النور ، الذى يفتح العيون على رسالة الحق ومن هنا يتأكد لنا ضرورة الالتزام بالتوجيهات القرآنية فى القولالحسن ، والقول السديد ، والقول الميسور ، والالتزام بصدق العمل مع صدق القول .
فالكلمة هى مناط التفاهم ، وطريق الوصول الى الحقيقة ومدار الحوار ومدار النقاش ، وفى الاعلام الاسلامى لا تكون الكلمة للخداع او الضغط او الاكراه وانما هى وسيلة للاقناع ، وسبيل للمواجهة وميدان للتدبير والتفكير ، وهى دعوة الى الوصول الى الحقيقة والانتفاع بالعلم النافع دون تأثير عارض مفتعل ، يزول بزوال السبب ، وانما يبقى كشجرة طيبة وارفة يمتد فرعها الى السماء فأصولها ثابتة قوية .وفى المقابل فأن الكلمة اليئة الخبيثة فيها تضليل واضلال وتزييف للحقيقة ولا تستند الى الحق وفيها ترويج للاشاعات واتهام للاخرين ، يقول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم :" ايما رجل اشاع على رجل مسلم بكلمة ، وهومنها برئ يشينه فى الدنيا كان حقا على الله ان يذبيه فى النار حتى ياتى بانفاذ ما قال " 25 ولذاوجب لمثل هذه الاباطيل المكذوبة وتصحيحها ، يقول الرسول الكريم - : من ذب عن عرض اخيه بالغيبة كان الله ان يقيه النار " 26. فالرسالة الاعلامية فى المجتمع المسلم تقوم
.......................يتبع
موضوع: أهمية الكلمة فى الإعلام الإسلامى1